والثاني: إن ذلك الاستواء إنما يتم فيما لو ذكر للفعل حكم وضعي مطلق بلا خصوصية لأي فاعل من البالغين، بحيث انحدر ذاك الحكم نحو أصل الفعل ثم أمر غير البالغ به، فإن العرف حينئذ يحكم بأن المستفاد من هذا الأمر هو إرادة ذاك الفعل الواجد لماله من الحكم الوضعي، وذلك نحو ما ورد في الطهور: من أنه لا صلاة إلا به، وكذا في فاتحة الكتاب الوارد فيها ذلك، وهكذا في الاستقبال الذي أمر له بتولية الوجوه شطر المسجد الحرام، ونحو ذلك من الأمور العامة.
وأما في مثل الستر الذي لم يرد فيه شئ من ذلك - بل أخذ في لسان أدلته ما يقصر عن الشمول لغير الرجل والمرأة من الصبي والصبية - فلا. مع عدم استواء البالغين بأسرهم فيه - كما أشير إليه - لامتياز الأمة عن الحرة في ستر الرأس، فمن أين يعلم بالاستواء؟
فتحصل: أن مشروعية عبادة الصبي أمر، واشتراك عبادته مع عبادة غيره من البالغين في الأمور الوضعية أمر آخر، لدوران ذلك مدار لسان أدلة تلك الأمور.
ومنه - أي من الذي يمكن أن يتمسك به للمشروعية عدى الاطلاقات الأولية الدالة على أصل المحبوبية - هو ما ظاهره الوجوب والالزام، فكل دليل ظاهره وجوب عبادة خاصة يمكن أن يستفاد منه بانضمام غيره من الأدلة استحبابه للصبي، فحينئذ يصير مشروعا مثابا عليه. وبيانه - بنحو لا يلزم منه الاستعمال في أكثر من معنى الذي تحاشى منه في " الجواهر " ومنع دعوى اتحاد المكلف به مع اختلاف وصفي الوجوب والندب بل ادعى لزوم تعدد المسبب عند تعدد السبب ولذا لا يجزي ما أتاه قبل البلوغ في الوقت عما يجب عليه مع بقاء الوقت، لأنهما أمران ليس أحدهما بمجز عن الآخر - وبنحو لا يقاس على باب الحج المنصوص فيه باجزاء حج من بلغ قبل الموقفين عن حجه الذي يجب عليه بعد بلوغه وإن كان لا يجزي عن الواجب عليه فيما