بلغ قبل ذلك - هو أن الأمر ليس مستعملا في الوجوب أصلا يلزم منه ما ذكر مع استحباب المأمور به للصبي، بل هو ليس إلا البعث اللفظي نحو العمل وزان التحريك الخارجي نحوه بلا استعمال في الحكم أصلا، ويستفاد منه - لدى العرف - الوجوب ما لم ينضم إليه الترخيص في الترك، فأما إذا انضم منه إليه الترخيص في الترك فينفي الوجوب، ولكن أصل المحبوبية بحالها، إذ لم يكن الوجوب مستفادا من الاستعمال حتى يناقش فيه بلزوم الاستعمال في أكثر من معنى، ويستوحش منه من يقول في (مسألة بقاء الجواز عند نسخ الوجوب) بما لا جدوى لنقله ونقده، بل كان مستفادا من البعث بلا انضمام الترخيص، فمع انضمامه يبقى البعث غير اللزومي بحاله.
فتحصل: أن اختلاف الحكم غير موجب لاختلاف المهية، وحيث إن قوله تعالى " كتب عليكم الصيام " وقوله تعالى " أقم الصلاة لدلوك الشمس " وغير ذلك من الأوامر الباعثة نحو الفعل، قد انضم إليها الترخيص في خصوص غير البالغ ونحوه بحديث " رفع القلم " يحكم ببقاء أصل المحبوبية بحالها، فحينئذ تكون عبادة الصبي كغيره مشروعة.
نعم: لا جدوى لاثبات مشروعيتها في خصوص المقام ونحوه بعد اختصاص أدلة الستر بالرجل والمرأة اللذين لا ينطبقان على الصبي والصبية، اللهم إلا أن يكون المراد من (الرجل) من ليس بمرأة وكذا المراد من (المرأة) من ليس برجل، فحينئذ ينعقد الاطلاق لأدلة الستر، فانتبه.
والحاصل: أن الاطلاقات الأولية الدلة على محبوبية نفس الطبيعة بلا خصيصة لفاعل خاص، نحو " أن الصوم جنة من النار " و " أن الصلاة خير موضوع فمن شاء استقل... الخ " دالة على مشروعيتها لغير البالغ البتة، كما أن الأوامر الالزامية دالة عليها أيضا، لأن المستفاد منها ليس إلا البعث لا الوجوب. نعم: