فيجري في كلا الطرفين مثلا أصالة العدم الأزلي في اشتباه المحرم بغيرها واشتباه الذمية بغيرها، وأصالة العدم بعد الوجود في اشتباه الزوجة بغيرها، ولا ينافيه العلم الاجمالي، إذ المراد من " اليقين الناقض " ما هو المتعلق بالمشكوك نفسه، وهو اليقين التفصيلي دون الاجمالي، لعدم تعلقه بما تعلق به الشك، وهو كل واحد من الطرفين بخصوصه.
ولا يلزم من جريانها في كلا طرفي الشبهة مخالفة عملية، فلا محذور من هذه الحيثية أيضا، كما في استصحاب نجاسة الكأسين من العلم الاجمالي بانقلاب حالة إحديهما إلى الطهارة، نعم، لو كانت الحالة السابقة لهما هي الطهارة يحكم بالتعارض وعدم جريانهما معا، وإلا لزم المحذور العملي في ارتكاب النجس، بخلاف المثال، إذ لا محذور في الاجتناب عن الطاهر، وهكذا في المقام.
فبمقتضى أصالة عدم الزوجية يحكم بالبناء العملي على الغض تعبدا، وهكذا في أصالة عدم النسب وأصالة عدم المحكومية بحكم الإسلام.
ولا ريب في أن هذا الأصل كغيره من الأصول العلمية ليس محرزا للواقع بالوجدان ولا موجبا لاندراج مصب الأصل تحت الدليل اللفظي، بأن يصير مصداقا له حتى ينطبق عليه ذاك الدليل اللفظي بنفسه، لأن موضوع ذاك الدليل الاجتهادي ليس إلا العنوان الواقعي، لا الأعم منه ومما حكم به تعبدا.
نعم: لو أحرز بالوجدان أو قام الطريق أو الأمارة عليه لانطبق ذاك الدليل الاجتهادي بنفسه عليه، وأما لو أحرز بالتعبد فلا انطباق له، بل يكون معنى التعبد بالموضوع هو التعبد بالبناء العملي بما يماثل مدلول ذاك الدليل الاجتهادي.
فهيهنا إذا أحرز وجدانا بأن هذه المرأة ليس بزوجة ولا ذات قرابة ولا ذمية، أو قام الطريق المعتد به على العدم، يحكم باندراجها تحت آية الغض وغيرها من الأدلة الاجتهادية.