فإذا لم يكن مقوما للكلام النوعي الذي هو المأمور به دون الشخصي، فليس اعتباره إلا من حيث محافظة ما علم اعتباره في قراءة القرآن، من عدم اللحن العربي، فإذا فرض عدم اللحن فيه فلا وجه لعدم الاجتزاء به.
وما سبق من حكاية دعوى أنهم لا يتصرفون في شئ من الحروف الشامل لاعرابها بالقياس فممنوع، ومن هنا طعن نجم الأئمة - تبعا للزجاج - في قراءة حمزة: ﴿واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام﴾ (١) - بجر المعطوف - بأنها صدرت عنه جريا على مذهبه ومذهب غيره من الكوفيين، من جواز العطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجار، وإن تواتر القراءات السبع غير مسلم (٢). وعن الزمخشري: الطعن في رواية ابن عامر:
﴿قتل أولادهم شركائهم﴾ (3) بالفصل بين المتضايفين (4).
نعم، طعن بعض شراح الشاطبية على مثل نجم الأئمة والزمخشري والزجاج، من أرباب العربية الطاعنين في قراءة القراء، بأنهم اعتمدوا في قواعدهم الكلية وفروعهم الجزئية على كلام أهل الجاهلية، وبنقل الأصمعي ونحوه ممن يبول على قدمه نظما ونثرا ويحتجون به، ويطعنون تارة في قراءة نافع، وأخرى في قراءة ابن عامر، ومرة في قراءة حمزة وأمثالهم، فإنهم إن لم يعتقدوا تواتر القراءة فلا أقل من أن يعتبروا صحة الرواية من أرباب العدالة (5).