المتأخرين تكلفوا الاستدلال عليه بهذه الروايات. وقد عرفت ما في ذلك والصدوق في الفقيه (1) قد نقل هذه العبارة بعينها عن أبيه في رسالته إليه، فقال: وقال أبي (رضي الله عنه) في رسالته إلي: اتق في احرامك الكذب، واليمين الكاذبة والصادقة، وهو الجدال. والجدال قول الرجل: لا والله.. إلى آخر ما قدمناه كلمة كلمة وحرفا حرفا.
وهو ظاهر في تأييد ما قدمناه من اعتماد الشيخ المذكور على الكتاب زيادة على الأخبار الواصلة إليه، وشدة وثوقه به زيادة عليها، وما ذلك إلا لمزيد علمه وقطعه بثبوت الكتاب عنه (عليه السلام) بحيث لا تعتريه فيه الشكوك والأوهام.
وقال الجعفي: الجدال فاحشة إذا كان كاذبا أو في معصية، فإذا قاله مرتين فعليه شاة. وقال الحسن بن أبي عقيل: من حلف ثلاث أيمان بلا فصل في مقام واحد فقد جادل، وعليه دم، قال: وروي إن المحرمين إذا تجادلا، فعلى المصيب منهما دم شاة، وعلى المخطئ بدنة. وظاهر كلام الجعفي تخصيص الجدال المحرم على المحرم بهذين الفردين، وأنه إذا جادل مرتين بأحد هذين النوعين فعليه دم شاة.
ومستنده غير ظاهر، بل ظاهر جملة من الروايات المتقدمة رده.
وأما مذهب الحسن فهو لا يخلو من الاجمال بكون هذه الثلاث الموجبة الدم في الجدال صادقا أو كاذبا أو أعم منهما، وهل المراد انحصار الجدال في هذا الفرد فلا كفارة في غيره أم هذه بعض أفراده؟
وبالجملة فالاجمال فيه ظاهر. وقد عرفت دلالة جملة من الأخبار