بخلاف (هلموا). ومعنى (لم يحج يومئذ إلا من كان إنسيا مخلوقا) لم يحج إلا من كان مخلوقا من الإنس، لأنهم المقصودون بالخطاب المذكور دون غيرهم. هذا ما ظهر لي فتأمل. انتهى.
أقول: أما صحة اطلاق (هلم) على المذكر والمؤنث، والمفرد والمثنى والجمع، فهي لغة الحجاز، وبها نزل القرآن العزيز، كقوله تعالى:
والقائلين لإخوانهم هلم إلينا (1) وأما أهل نجد وهم بنو تميم فيلحقون بها الضمائر كغيرها من الصيغ فيقولون: (هلموا وهلمي وهلما) وأما تناولها في الخبر للموجودين والمعدومين فقد نقل الشيخ فخر الدين بن طريح في كتاب مجمع البحرين، قال: وقيل: لفظ (هلم) خطاب لمن يصلح أن يجيب وإن لم يكن حاضرا، ولفظ (هلموا) موضوع للموجودين الحاضرين، ويفسره الحديث: (هلم إلى الحج).. ثم ساق الخبر. وبذلك يزول الاشكال ويستغنى عن هذه التكلفات البعيدة والتمحلات الشديدة، فإنه متى كان هذا اللفظ موضوعا في اللغة لذلك فلا اشكال، ويخرج الخبر شاهدا عليه.
السادس قد عرفت من ما حققناه آنفا أن الاحرام الموجب للكفارات بفعل ما لا يجوز للمحرم فعله وإنما هو عبارة عن التلبية أو الاشعار أو التقليد، فإن أيها فعل حرام عليه ما يحرم على المحرم وترتبت الكفارات على المخالفة. وعلى هذا فلو عقد نية الاحرام ولبس ثوبيه ولم يأت بشئ من التلبية متى كان متمتعا أو مفردا، ولا بها ولا باشعار ولا تقليد متى كان قارنا، وفعل ما لا يجوز للمحرم فعله، فإنه