وبالجملة فإن الظاهر أن مراد من عبر بذلك إنما هو القيمة، لأنه يطلق عليها الفداء كما تقدم، وإن أجملوا في التعبير ولم يضيفوا إليها الجزاء الذي لله (سبحانه وتعالى). إلا أن ظاهر كلام جملة ممن شرح كلامهم ينافي ما ذكرناه من الاعتذار.
وكيف كان فالظاهر ما ذكره جملة من الأصحاب منهم: الشيخ في المبسوط، والعلامة في جملة من كتبه، ومن تأخر عنه من أن الفداء في المملوك لله (تعالى) كغيره، ويجب على المتلف بالنسبة إلى المملوك القيمة لمالكه إذا كان مضمونا مع الفداء، اعمالا للدليلين، الدال أحدهما على لزوم الفداء للصيد، والثاني على ضمان المتلف بالمثل أو القيمة كما في سائر الأموال. ولو لم يتعلق بالمتلف الضمان ككون يده يد أمانة لزمه الفداء لا غير. وكذا لو وجب الفداء بالدلالة خاصة.
وظاهر العلامة في المنتهى أن هذا الحكم موضع وفاق بين الأصحاب فإنه قال: إذا قتل المحرم صيدا مملوكا لغيره لزمه الجزاء لله (تعالى) والقيمة لمالكه، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة، وقال مالك والمزني:
لا يجب الجزاء لقتل الصيد المملوك (1) لنا: قوله (تعالى): ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم (2) وهو يتناول صورة النزاع كما يتناول صورة الاتفاق. ومنه يظهر ما قدمنا ذكره من أنه ليس مرادهم من تلك العبارة ظاهرها الذي ترد عليه الاشكالات المتقدمة فإنه (قدس سره) ممن صرح بذلك في مختصراته كالإرشاد وغيره.