أقول: المراد بالركن عند الأصحاب (رضوان الله عليهم) في باب الحج هو ما يكون تركه مبطلا عمدا لا سهوا، وبالواجب ما يكون تركه عمدا موجبا للإثم دون الابطال. واستثنى من الركن على هذا التعريف الوقوفان، فإن تركهما مبطل وإن كان سهوا.
ثم إن استدلال العلامة (قدس سره) هنا على الابطال بغير الرواية لا يخلو من نظر: أما الدليل الأول فإنه جار في الواجب، وهو لا يقول به. وأما الثاني فإنه محض قياس على تكبيرة الاحرام كما لا يخفى.
ويمكن المناقشة أيضا في الرواية المذكورة ونحوها بأن غاية ما يدل عليه مفهوم الشرط هو عدم الاحرام، والخصم لا ينكر ذلك، والمدعى بطلان الحج، لأنه قائل بصحة الحج مع ترك الاحرام عمدا، فالزامه بما دلت عليه الرواية من بطلان الاحرام لا معنى له. وإنما المنافي لما ذكره ما يدل على بطلان الحج بذلك. فالواجب هو الاتيان بدليل يدل على بطلان الحج بترك الاحرام متعمدا. ودعوى الاجماع بقوله:
(والاخلال بالاحرام عمدا مبطل اجماعا) ينافي ما نقله عن الجماعة المتقدمين القائلين بأنه واجب وليس بركن. والواجب كما عرفت عندهم هو ما لا يبطل الحج بتركه ولو عمدا وإنما غايته الإثم. وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد تحقيق للمسألة.
الرابع قال ابن الأثير في النهاية: (لبيك اللهم لبيك) هو من التلبية، وهي إجابة المنادي، أي إجابتي لك يا رب. وهو مأخوذ من (لب بالمكان والب) إذا أقام به، و (ألب على كذا) إذا لم يفارقه ولم يستعمل إلا على لفظ التثنية في معنى التكرير، أي إجابة بعد إجابة وهو منصوب على المصدر بعامل لا يظهر، كأنك قلت: (ألب البابا