احرام على من لا يتمكن من الاتيان بالمناسك ولو بالحمل، والأخيرين على من يتمكن. ويحتمل ولعله الأقرب حمل خبري رفاعة على التقية، فإن مذهب أبي حنيفة على ما نقله في المنتهى أنه لا يجوز لأحد دخول الحرم بغير احرام إلا من كان دون الميقات (1). ولا ريب أن مذهب أبي حنيفة في زمانه له صيت وشهرة وقوة بخلاف سائر المذاهب فالتقية أقرب قريب في الخبرين المذكورين.
ويجب على الداخل أن ينوي باحرامه النسك من حج أو عمرة، فإن الاحرام وإن كان عبادة إلا أنه غير مستقل بنفسه بل إما أن يكون لحج أو عمرة. ويجب اكمال النسك الذي تلبس به ليتحلل من الاحرام. ولا يخفى أن الاحرام إنما يوصف بالوجوب مع وجوب الدخول، وإلا كان شرطا غير واجب كوضوء النافلة.
وأما الحكم الثاني فإنه قد استثنى الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) من هذا الحكم مواضع:
أحدها الحطابون والمجتلبة، ويدل عليه صحيحة رفاعة المتقدمة والظاهر أن المراد بالمجتلبة من يجلب الأشياء إلى البلد كالحنطة والدقيق والشعير والحشيش والفواكه ونحوها. والأصحاب قد عبروا هنا بالتكرر قال في المدارك: ومقتضى عبارة المصنف وغيره استثناء كل من يتكرر دخوله وإن لم يدخل في قسم المجتلبة. وهو غير بعيد، وإن كان الاقتصار على مورد النص أولى. انتهى. وهو جيد.
وثانيها العبيد، صرح به الشيخ وجماعة، فجوزوا لهم دخول مكة بغير احرام. واستدل عليه في المنتهى بأن السيد لم يأذن لهم بالتشاغل