ويمكن أن يستدل لما ذكره ابن الجنيد بما رواه في الكافي عن زرارة (1): (أن رجلا قدم حاجا لا يحسن أن يلبي، فاستفتى له أبو عبد الله (عليه السلام) فأمر أن يلبي عنه).
ولا ريب أن طريق الاحتياط الجمع بين الأمرين، ليحصل يقين براءة الذمة من التكليف المعلوم ثبوته.
والظاهر أن مراد الأصحاب بعقد القلب بها يعني: تصورها اجمالا الكناية عن النية والقصد إلى التلبية.
الثالث قال العلامة في المختلف: لا خلاف عندنا في وجوب التلبيات الأربع، ولكن الخلاف في أنها ركن أم لا، فللشيخ قولان:
أحدهما أنها ليست ركنا، ذهب إليه في المبسوط والجمل، وقال في النهاية: (من ترك التلبية متعمدا فلا حج له) فجعلها ركنا. وبالأول قال السيد المرتضى وابن حمزة وابن البراج، وبالثاني قال سلار وابن إدريس وأبو الصلاح. والأقرب الأول، لنا. أنه مع الاخلال بالتلبية لم يأت بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف. ولأنه ذكر واجب في عبادة افتتحت به فكان ركنا، كالتكبير في الصلاة. ولما رواه معاوية ابن عمار في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) (2) أنه قال: (فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة يعني: التلبيات والاشعار والتقليد فقد أحرم) وتعليق الحكم على الوصف يقتضي عدمه عند عدمه. والاخلال بالاحرام عمدا مبطل اجماعا. احتج الآخرون بأن الأصل صحة الحج. والجواب: المنع لأنه لم يأت بالمأمور به على وجهه. انتهى.