وبالجملة فإن الروايات المتقدمة مع كثرتها قد اتفقت على التفريق، ومنها ما هو بلفظ الأمر وإن كان بالجملة الفعلية، وعبارة كتاب الفقه صريحة في الوجوب، فلا مجال للتوقف فيه، وقد قطع في المنتهى بالوجوب من غير نقل خلاف إلا من العامة (1).
والظاهر أن المخاطب بالوجوب هو الإمام أو نائبه الذي يحج بالناس، كما هو المعمول عليه في الصدر الأول. ولم أقف على من تعرض لبيان ذلك من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم).
بقي الكلام هنا في التفريق هل هو في مجموع الحجتين أو حجة القضاء خاصة؟ وبيان غاية التفريق.
فنقل في المختلف عن الشيخ (قدس سره) أنه حكم بالتفريق في حجة القضاء مدة بقائهما على النسك، فإذا قضيا المناسك سقط هذا الحكم. ثم قال: وقال شيخنا علي بن بابويه: ويجب أن يفرق بينك وبين أهلك حتى تقضيا المناسك ثم تجتمعان، فإذا حججتما من قابل وبلغتما الموضع الذي كان منكما ما كان فرق بينكما حتى تقضيا المناسك ثم تجتمعان. فأوجب التفريق في الحجتين معا. وقال ابن الجنيد: يفرق بينهما إن كانت زوجته أو أمته إلى أن يرجعا إلى المكان الذي وقع عليها فيه من الطريق، وهما في جميع ذلك ممتنعان من الجماع، وإن كانا قد أحلا فإذا رجعا إليه جاز لهما ذلك، فإذا حجا قابلا فبلغا ذلك المكان فرق بينهما، ولا يجتمعان حتى يبلغ الهدي محله. فأثبت التفريق في الحجتين معا، وبعد قضاء الحج