والقطا في الحمام. وهو مشكل. انتهى.
أقول: فيه (أولا): إنك قد عرفت في غير موضع من ما تقدم أن هذه القواعد التي تقتضي الحمل على المعنى العرفي في أمثال هذه المواضع لا أصل لها في الدين، ولا مستند لها عن سادات المسلمين، وإنما هي مجرد اصطلاحات أصولية وتخريجات فضولية، لأن العرف لا انضباط له في حد ولا نهاية له في عد، فلكل إقليم عرف يعمل أهله عليه، ومن ذا الذي يدعى الاطلاع أو يمكنه تعرف عرف جميع الناس في جميع أقطار العالم، والأحكام الشرعية أمور مضبوطة معينة لا تغير فيها، فكيف تناط بالعرف الذي هو على ما عرفت؟
و (ثانيا): إن المستفاد من الأخبار التي هي المرجع وعليها المعول في الإيراد والاصدار هو أنه يجب الرجوع في كل حكم حكم وجزئي جزئي إلى عرفهم (عليهم السلام) وما ورد عنهم (عليهم السلام) فإن ثبت هناك شئ وجب الأخذ به، وإلا وجب الوقوف على ساحل الاحتياط.
و (ثالثا): إن استشكاله في ما ذكره العلامة من هذه الأفراد بعد قوله أولا: (إن الذي تقتضيه القواعد وجوب الحمل على المعنى العرفي أن لم يثبت اللغوي) ليس في محله، لأنه متى كان المعنى اللغوي يجب البناء عليه إذا ثبت، والحال أن أهل اللغة كلهم صرحوا بأن الحمام هو المطوق، وهذه الأفراد داخلة في التعريف، مع تصريحهم بها على الخصوص كما سمعت، فأي اشكال يلزم هنا؟ نعم الاشكال إنما هو في القطا، حيث عدوه هنا مع أن له حكما آخر كما تقدم، فينبغي استثناؤه كما أشير إليه.