وروى في الكافي أيضا والتهذيب في الصحيح عن الحلبي مثله (1) بدون قوله: (فحدثني أبي) قال: وقال: (إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه).
وأنت خبير بأنه لا دلالة في شئ من هذه الروايات على تحريم لبس المخيط، ولا تعرض له بالكلية، وإنما دلت على النهي عن أثواب مخصوصة. وبذلك اعترف شيخنا الشهيد (نور الله مرقده) في الدروس حيث قال: ولم أقف إلى الآن على رواية بتحريم عين المخيط، إنما نهى عن القميص والقباء والسراويل، وفي صحيح معاوية (2): (لا تلبس ثوبا تزره ولا تدرعه، ولا تلبس سراويل) وتظهر الفائدة في الخياطة في الإزار وشبهه.
انتهى. ويعضده ما نقل عن الشيخ المفيد (عطر الله تعالى مرقده) في المقنعة أنه لم يذكر إلا المنع من أشياء معينة، ولم يتعرض لذكر المخيط.
ومن ما ذكرنا يعلم أن ما اشتهر بين جملة من المتأخرين بناء على ما قدمناه من الاجماع المدعى، من أنه يكفي في المنع مسمى الخياطة وإن قلت لا وجه له.
وألحق الأصحاب بالمخيط ما أشبهه، كالدرع المنسوج، والملصق بعضه ببعض. واحتج عليه في التذكرة بالحمل على المخيط، لمشابهته إياه في المعنى من الترفه والتنعم. وضعفه ظاهر. والأجود أن يستدل عليه بما يتضمن تحريم لبس الثياب على المحرم، كصحيحة معاوية ابن عمار الأولى والثانية، وصحيحة زرارة، ونحوها من ما نقلناه وما لم ننقله، فإنها شاملة لذلك.