الروايتين، لصحة سندهما، ووضوح دلالتهما. وأما الرواية التي استدل بها على الحكم الثاني وهي الرواية السابعة فظاهرها وجوب الجزور في تعمد الكذب في الجدال مطلقا مرة كان أو أزيد.
وأما بالنسبة إلى الجدال صادقا فاستدلوا على وجوب الشاة في الثلاث بصحيحة معاوية بن عمار المتقدمة في صدر البحث. ومثلها أيضا الرواية الثالثة والخامسة والسادسة. وينبغي حمل مطلقها على مقيدها ليتم الاستدلال بها. إلا أن مقتضى ذلك وجوب التقييد بالتتابع والتوالي بمعنى كونها في مقام واحد، وكلام الأصحاب أعم من ذلك. نعم نقل التقييد عن ابن أبي عقيل، فإنه قال. ومن حلف ثلاث أيمان بلا فصل في مقام واحد فقد جادل، وعليه دم.
أقول: والظاهر عندي أن المستند في هذا التفصيل الذي اشتهر بين الأصحاب إنما هو كتاب الفقه الرضوي، فإنه صريح الدلالة واضح المقالة في الاستدلال، لا تعتريه شبهة الشك ولا الاحتمال في هذا المجال حيث قال ﴿عليه السلام﴾ (1): واتق في احرامك الكذب، واليمين الكاذبة والصادقة، وهو الجدال الذي نهى الله (تعالى) عنه. والجدال قول الرجل: لا والله وبلى والله. فإن جادلت مرة أو مرتين وأنت صادق فلا شئ عليك، وإن جادلت ثلاثا وأنت صادق فعليك دم شاة، وإن جادلت مرة وأنت كاذب فعليك دم شاة، وإن جادلت مرتين كاذبا فعليك دم بقرة، وإن جادلت ثلاثا وأنت كاذب فعليك بدنة. انتهى.
والظاهر أن هذه العبارة هي مستند المتقدمين في الحكم المذكور دون هذه الأخبار المختلفة المضطربة، ولكن لما لم يصل ذلك إلى