وعلى الثاني: يلازمه بل يشعر بجواز النظر أيضا فضلا عن جواز الابداء، لأن إبعاد تلك المروحة عن الوجه رأسا مستلزم لاسفاره بلا ريب، وحيث إن الإماطة الكذائية غير منفك عادة عن النظر، فلزم أنه عليه السلام قد نظر إلى وجهها إذ لو غمض عليه السلام عينيه أو حول رأسه أو وجهه لئلا يقع النظر لنقل إلينا، لأنه أمر مهم خارج عن العادة فيتوفر الدواعي إلى نقله.
والحاصل: أن الإماطة يمكن أن تتحقق على وجهين، ولا ظهور لها في خصوص الثاني، فإن أقيم الشاهد على رجحان أحدهما فهو.
والذي يسهل الخطب هو ورود روايات عديدة يستفاد منها الاكتفاء في أسفار الوجه المأمور به في إحرام المرأة بعدم اللصوق وإن كان الثوب من النقاب وغيره مسدولا من العلو إلى السفل، على اختلاف مراتبه الواردة تلك الروايات فيها كما يتضح، فمعه يستأنس الظهور العرفي لترجيح الوجه الأول، حيث إنه لمكان كفايته واجزائه يبعد أنه عليه السلام قد أماط المروحة رأسا بنحو يبدو الوجه.
فمن تلك الروايات: ما رواه عن عيص بن القاسم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في حديث كره النقاب يعني للمرأة المحرمة، وقال: تسدل الثوب على وجهها، قلت: حد ذلك إلى أين؟ قال: إلى طرف الأنف قدر ما تبصر (1).
والمراد من الاسدال هو ما يكون الارخاء مع الفصل وبلا لصوق بالوجه.
وفي رواية الحلبي فقال عليه السلام: أحرمي وأسفري وأرخي ثوبك من فوق رأسك، فإنك إن تنقبت لم يتغير لونك قال رجل: إلى أين ترخيه؟ قال: تغطي عينها، قال: قلت: تبلغ فمها؟ قال: نعم (2).
والجمع بين الاسفار وبين الارخاء أصدق شاهد لما قلناه من الاكتفاء بارخاء الثوب في الاسفار المأمور به بلا لزوم الابداء البحت بلا ارخاء شئ من الثياب أصلا.