ويؤيده ما ورد في (ابن أم مكتوم الأعمى) وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بعض نساءه بالاحتجاب عنه، لأن العمى وإن كان حجابا بالنسبة إليه، ولكنها لما كانت غير محجبة كانت عرضة لأن تراه، فأمرها بالاحتجاب حتى لا تراه، لأن نظر الأجنبية إلى الأجنبي حرام كالعكس، بل الأمر فيها أشد، لعدم استثناء الوجه والكفين ونحو ذلك فيها، وإن قيل بذلك فيه.
وأما قوله تعالى " ذلكم أطهر... الخ " فلا ظهور له في دوران الحكم مدار خوف فوات طهارة القلب وقداسته اللازمة حتى يقال: بخروجه عن حريم البحث، للزوم الستر حينئذ بلا كلام، ولحرمة النظر الكذائي بلا خلاف، بل المحتمل هو لحاظ الشرع الأنور ذلك حكمة للحكم لا علة له، فأوجب الستر صونا عن ارتكاب خلاف القداسة الباطنة أحيانا، فمعه يجب الستر مطلقا، سواء كان في مورد الريبة والتلذذ ونحو ذلك أم لا، وسواء كان بالنسبة إلى الوجه والكفين أم ما عداهما، للاطلاق المستفاد من حذف المتعلق.
فالحجاب المطلوب للشرع لزوما مما أمرت المرأة بتحصيله لا الرجل، وإن كان لو حصله بستر نفسه أو استتاره خلف الجدار ونحوه لحصل التحفظ، ولكن التكليف والالزام منحدر نحوها دونه.
وأنت خبير بأن وجوب ستر الوجه والكفين المستفاد من الآية حسب الاطلاق المرهون لحذف المتعلق ليس دليله قويا بنحو يقوى على معارضة ما ظاهره جواز إبدائهما، بل تحمل الآية بالنسبة إلى خصوصهما على الندب نظير غير واحد من النصوص الآمرة بحبسهن في البيوت وعدم إذنهن للخروج عنها، فليكن على ذكر منك.