حيث ظاهرها المنع عن الصلاة في السفينة عند القدرة على الشط - كالمنع عن الجلوس عند مكنة القيام - فيعارض ما دل على جواز الصلاة فيها مع القدرة على الخروج وأنه - أي الخروج عنها - والبقاء فيها سيان، ويكون التعارض بالتباين، لأن مفاد تلك الطائفة هو الجواز عند القدرة على الأرض، ومفاد هذه هو المنع عندها. وليس لسان دليل الجواز مطلقا حتى يكون الاختلاف بالاطلاق والتقييد، بل يكون الاطلاق والتقييد بلحاظ آخر، وهو أن مفاد تلك الطائفة المجوزة هو إطلاق الجواز في صورتي انحفاظ جميع الأجزاء والشرايط وعدمه، ومفاد هذه - حسب السياق - هو عدم إمكان انحفاظها بأسرها، لاحتفاف هذه الفقرة - المانعة عند القدرة على الشط - بما يدل على أن الجلوس إنما هو عند عدم إمكان القيام في السفينة وبما يدل على لزوم تحويل الوجه شطر القبلة وتحفظها مهما أمكن، فذاك السابق وهذا اللاحق شاهدان على اختصاص المورد بما لا يمكن حفظ جميع ما يعتبر في الصلاة، ففي هذه الحالة قد فصلت الفقرة الثانية بين القدرة على الشط وعدمها، فحينئذ يلزم تقييد اطلاق تلك الطائفة بهذه المفصلة.
واحتمال التصرف في هيئة هذه الطائفة المفصلة - بالحمل على الندب - متوقف على كون ظهور تلك الطائفة في الاطلاق الشامل لصورتي انحفاظ الأجزاء وعدمه أقوى من ظهور هذه المفصلة في المنع، وقد مر النقاش في أصل الاطلاق فضلا عن قوة ظهوره، فيتعين التصرف في مادة تلك الطائفة، لا في هيئة هذه المفصلة.
ومنها: ما رواه عن حماد بن عيسى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يسئل عن الصلاة في السفينة، فيقول: إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدد فأخرجوا، فإن لم تقدروا فصلوا قياما، فإن لم تستطيعوا فصلوا قعودا، وتحروا القبلة (1).
والكلام فيها - من حيث التفصيل بين القدرة على الخروج والعجز عنه،