في غاية القلة " انتهى بتلخيص وتغيير ما، ولقد أجاد بما أفاد!
ولا خفاء في أن حرمة قطع الحج إنما هو لدليل يخصه، كما أن حرمة قطع الصوم أيضا كذلك، لعدم امكان التدارك في الوقت لأنه مستوعب إياه، فليس القطع المحرم فيهما ما هو المبحوث عنه هنا - أي المستفاد من الآية -.
وقد يستدل لها في خصوص الصلاة بالاجماع. والحق أنه في الجملة تام، لعدم الاختلاف ظاهرا فيما يكون القطع اقتراحيا بلا حاجة ولا ضرورة، ولكن ثبوته في مثل المقام المستلزم للتصرف المحرم ممنوع، ولذلك اختلف المجمعون أنفسهم فيه، فذهب بعضهم إلى وجوب الاتمام مستقرا، وبعضهم إلى وجوبه حال الخروج، فحينئذ يشكل الحكم بالاتفاق، بل لا يمكن، وإلا لما اختلفوا في المقام، وسيوافيك بيان أهمية حرمة التصرف في مال الغير من حرمة القطع، فارتقب.
وقد يستدل لها أيضا بما ورد من " أن الصلاة تحريمها التسليم وتحليلها التكبير " إذ الظاهر منه هو حرمة غير واحد من الأمور على المصلي بمجرد التكبير مع صيرورتها حلالا له بالتسليم (وسيأتي البحث المشبع في حرمة القطع، فارتقب).
وفيه: أنه لا يستفاد منه إلا كبرى عامة، وهي حرمة ما حرمه الدليل من خارج، نظير حرمة الأشياء الخاصة بمجرد عقد الاحرام للحج أو العمرة، وأما بيان أن تلك الأمور ما هي؟ وأن القطع والابطال هل هو من تلك الأمور أو من غيرها؟ فلا. نعم: لما لم يمكن القطع إلا بفعل المنافي لدل على حرمته، فهي تامة الدلالة على تحريم القطع، ولكن يدور الأمر بين التخصيص في النافلة وبين حمل التحريم على الحرمة الوضعية فقط.
وقد يتمسك لها بقاعدة " إن الصلاة على ما افتتحت " ولكنها لامساس لها بالمقام لاصطيادها من نصوص باب النية الأجنبية عن المبحوث عنه، فلا نطيل.
وليعلم: أن حرمة القطع ليست في حد يقاوم المنع عن الغصب والتصرف