يكون هو المنع من إتيان الصلاة على الدابة من حيث هي دابة، لا من حيث استلزام ذلك فوات بعض ما يعتبر في الصلاة من الأجزاء والشرائط. بل في " الحدائق " أن المشهور عدم الجواز مع التمكن من فرائض الصلاة - بأن يكون البعير معقولا - والغرض هو إمكان استفادة هذا المعنى منه، كما هو خيرة غير واحد من الأصحاب حسب ما حكاه في " الحدائق " لاطلاق بعض نصوص المنع عن إتيان الصلاة على الدابة.
وإما بشهادة الاستثناء يستفاد عرفا: أن المنع إنما هو بلحاظ فوات بعض ما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط وليس بصدد بيان الصغرى وأن المعتبر فيها ماذا، فلا يتم التمسك بها لاثبات اعتبار القرار.
ومنها: ما رواه عن محمد بن عذافر (في حديث) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل يكون في وقت الفريضة لا يمكنه الأرض من القيام عليها ولا السجود عليها من كثرة الثلج والماء والمطر والوحل، أيجوز له أن يصلي الفريضة في المحمل؟
قال: نعم هو بمنزلة السفينة إن أمكنه قائما وإلا قاعدا، وكل ما كان من ذلك فالله أولى بالعذر، يقول الله عز وجل: بل الإنسان على نفسه بصيرة (1).
إن المستفاد منه - حسب ارتكاز السائل - هو عدم جواز الفريضة حال الاختيار في المحمل، ولا ظهور له في كون المنع لفوات الطمأنينة، بل يمكن الاستظهار بالقرينة الحافة أنه لفوات بعض ما يعتبر فيها من الأجزاء، ولذا حكم بلزوم حفظ القيام عند المكنة وإلا فالقعود بدل عنه.
هذا وأشباهه قاصر عن إفادة اعتبار شرط آخر، وهو القرار.
ومنها: ما رواه عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيصلي الرجل شيئا من المفروض راكبا؟ فقال: لا، إلا من ضرورة (2) وقريب منها رواية ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أيضا (3).