إن كلتيهما طريقتان إلى الواقع المقصود، فليكن من باب التفنن في التعبير أو التأكيد. ومن هنا يتجه الامكان في خطاب واحد أيضا، لأن التأكيد غرض مهم يسرد لأجله غير واحد من التعابير المتعددة لفظا المتحدة معنا. نعم: لو كان لأحدهما أثر يخصه لما كان للثاني وجه، لا من باب لزوم الاقتصار على أحد الضدين اللذين لا ثالث لهما، بل من باب تفويته لذاك الأثر المطلوب.
وذلك: مثل ما لو تعلق الغرض بالاحتياط في مقام الشك في كون شئ مأكول اللحم أو غيره لشبهة موضوعية تحفظا للواقع، إذ لا بد حينئذ من الاقتصار على جعل الشرطية فقط، كما أنه لو تعلق الغرض بالبراءة في ذاك المقام تسهيلا على العباد لزم الاقتصار على جعل المانعية فقط - على ما يقال من الميز بينهما في مقام الشك والأصل العملي - والحاصل: أنه لا محذور في الجمع بين الجعلين خطابا وفي مقام الاثبات بعد الالتفات إلى جدوى التأكيد وأثر التسجيل بالتفنن في التعبير.
وأما محذور الجمع بينهما ثبوتا: فهو أن مرتبة تأثير المانع متأخرة عن وجود المقتضي والشرط، إذ لولا تمامية حوزة الاقتضاء بوجود هما لأستند عدم المعلول إلى فقدهما وجد المانع أم لا، فعند عدم الشرط يكون عدم المعلول مستندا إليه ووجود المانع وعدمه حينئذ سيان، نعم: لو وجد المقتضي والشرط لكان عدم المعلول مستندا إلى وجود المانع.
فالأمر دائر بين استواء وجوده وعدمه وبين عدم وجوده رأسا، إذ على تقدير انتفاء الشرط فذات المانع موجودة ولكن لا أثر لوجوده أصلا، بل يكون كالعدم من حيث عدم الأثر. وعلى تقدير وجود الشرط لما كان المانع موجودا حتى يبحث عن أثره، ولا يعقل جعل المانعية ثبوتا لما هذا شأنه.
وفيه: أن أجزاء العلل بأسرها في رتبة واحدة وجودا وعدما، فكما أن وجود المعلول يستند إلى وجود المقتضي والشرط وفقد المانع بلا تقدم بعضها على آخر في