بناء على إناطة الصلاة فيه منعا وجوازا بحرمة الأكل وحليته المستكشفة بذلك - أي أكل الورق أو اللحم - نعم: لو أشكل الميز بهذا الضابط - إما لكون ذاك الحيوان مثلا مما يأكل الورق واللحم معا أو لغير ذلك - يتمسك بأصالة عدم جعل الحرمة.
والميز بينها وبين أصالة عدم جعل الشرطية، هو اختصاص الأولى بالحيوان نفسه، لأن حرمة الأكل وصف له خاصة، بخلاف الثانية لجريانها في جميع أجزاءه أيضا. فعليه لو كان هيهنا حيوانان: أحدهما مقطوع الحرمة، والآخر مقطوع الحلية، ولم يعلم انفصال هذا لجزء من هذا الحيوان أو ذاك، لما كان لأصالة عدم جعل الحرمة مجال، للقطع بأحد الطرفين، فلا بد من الاقتصار على عدم جعل الشرطية لهذا الجزء.
هذا إذا كان حرمة الأكل بنفسها موضوعة للبطلان - كما استظهرناه - وأما إذا كانت عبرة إلى الحيوانات الخاصة وعنوانا مشيرا إليها فلا مجال لجريان الأصل فيها - أي الحرمة. حينئذ، بل يلزم احتساب الحيوان نفسه، ومن المعلوم: أن الأرنب مثلا ليس له حالة سابقة لم يكن في تلك الحالة أرنبا ثم احتمل صيرورته كذلك، لأن الذاتيات لا تختلف ولا تتخلف في الأزل والأبد، فلا مجال لأصالة العدم الأزلي.
نعم: لاحتمال جريانه في أجزاءه من اللحم والصوف ونحوهما مجال، كما أن له مجالا أيضا بالنسبة إلى وقوع الصلاة في ذاك الحيوان المحتمل كون اللباس من أجزاءه. وقد يفرد لكل من هذين الأمرين بحث يخصه مع إمكان الاكتفاء ببحث واحد، حيث إنهما مشتركان فيما هو المهم من سر الجريان ومناطه.
وذلك: لأن اللحم مثلا ماهية خاصة يمكن أن تنسب إلى الأرنب أو غيره مما لا يؤكل وإلى الغنم وغيره مما يؤكل، وهكذا الصلاة ماهية تمكن أن تنسب بالوقوع في أجزاء ما لا يؤكل أو في أجزاء ما يؤكل، كالمرأة التي لها ماهية