أن تصريح " المتن " كغيره بالمنع عن المغشوش بذينك الوبرين ليس للجواز في المغشوش بغيرهما، بل للرد على توهم الجواز فيهما، لورود النص المجوز.
ثم إنه لا يغفل عن أنه لو كان في البين ما يقتضي بعمومه المنع وكان ما يقتضيه خاصا - أي كان دليلا خاصا على المنع عن المغشوش - ولكن كان ضعيفا، لا يمكن الحكم بانجبار سنده بعمل الأصحاب، لاحتمال استنادهم في المنع إلى العموم التام سندا ومتنا، كما أنه لو ورد هناك نص خاص بالجواز فيه وكان ضعيفا فهو غير صالح للتخصيص، لضعف سنده أولا، مع إعراض الأصحاب عنه ثانيا.
وكيف كان: فالذي يدل على المنع بالخصوص هو ما رواه عن أيوب بن نوح رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الصلاة في الخز الخالص لا بأس به، فأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه (1).
حيث إن هذا النص الخاص المتعرض للخليط يدل على المنع عن الخز المخلوط بوبر الأرنب أو غيره مما يضاهيه في حرمة الأكل. نعم: لا اعتداد بالسند لضعفه بالرفع، مع عدم احراز الاستناد.
وأما الذي يدل على الجواز، هو ما رواه عن داود الصرمي، عن بشير بن بشار قال: سألته عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب؟ فكتب: يجوز ذلك (2).
والسند مورد النقاش أولا ب " الداود " لأنه وإن كان إماميا إلا أنه مجهول، وثانيا ب " البشير " حيث إنا لم نجده في كتب الرجال، وفي (الجواهر) ضبطه ب " البشر " ولكنه ضعيف أيضا، وثالثا بالاضمار.
ثم إنه نقله في الوسائل بطريق آخر إلى " داود الصرمي " أنه سأل رجل أبا الحسن الثالث عليه السلام، وظاهره أنه قد أدرك مجلس السؤال بنفسه، وظاهر ما تقدم نقله بطريق آخر إليه هو أنه لم يدركه، بل نقل عن " بشير " أنه سأله، فعليه يحتمل الارسال في هذا النقل الأخير قويا، فيكون وهنا على وهن، مع إعراض الأصحاب عن العمل به.