كذلك في النجاسة، لأن الحيوان الذي يكون نجسا لا ميز بين وبره وجلده، وكذا الحيوان الذي لا يكون نجسا لا فرق بين هذين فيه، فاستمراره عليه السلام في اللبس مع قوله عليه السلام في الذيل دال على ارتفاع المنع التكليفي البتة، بل دال على عدم النجاسة، إذ لو كان نجسا لعسر اللبس مع الاجتناب جدا، فمن ذلك يستكشف عدم النجاسة. كما أنه يستكشف من الاستمرار في اللبس أنه لا منع وضعي له، إذ لو كان مانعا عن الصلاة للزم نزعه حالها، سيما بالقياس إلى من يداوم الصلاة ويحافظها فرضا ونفلا، فلو كان مانعا لنزع، ولو كان لبان.
والغرض أنه على الحكم التكليفي لا مجال للاحتمال من جهة الميتة، وأما من جهة النجاسة فله وجه في الجملة، ولكن يستكشف منه حكمان وضعيان:
أحدهما - انتفاء النجاسة، والآخر - عدم المانعية عن الصلاة.
وأما على الثاني - أي الحكم الوضعي - فالأمر فيه تام بلا حزازة، ويدل على عدم مانعية الجلد كالوبر.
ومما يؤيد كون السؤال عن الحكم الوضعي لاحتمال مانعيته، هو ما رواه عن جعفر بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الدواب التي يعمل الخز من وبرها أسباع هي؟ فكتب: لبس الخز الحسين بن علي ومن بعده جدي صلوت الله عليهم (1).
حيث إن المنقدح في الذهن هو المنع لأجل السبعية، فكتب في الجواب بما دل على الجواز.
وما رواه عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سأل أبا عبد الله عليه السلام رجل وأنا عنده عن جلود الخز؟ فقال: ليس بها بأس، فقال الرجل: جعلت فداك إنها علاجي (في بلادي) وإنما هي كلاب تخرج من الماء فقال أبو عبد الله عليه السلام: إذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا، قال: ليس به بأس (2).