فمن تلك المحامل: هو كونها بصدد إيجاب الستر النفسي، أي بلحاظ الاستتار عن النار تكليفا، لا بلحاظ اعتباره في الطواف وضعا.
ومنها: كونها بصدد ردع ما التزموا به: من عدم جواز الطواف في ثوب عصوا فيه، وكانوا يبتدعون من حيث لزوم العرى وعدم الاستتار عند الطواف بثوب أذنبوا فيه.
ومنها: كونها بصدد ردع بدعة أخرى، وهي التزامهم - على ما أرخه بعض أبناء التاريخ - بلزوم التصدق بثوب طافوا فيه، فمن طاف بثيابه فعليه أن يعطيها صدقة بعد الفراغ من طوافه، ومنه انتهى الأمر إلى الاستعارة تارة والاكتراء أخرى، فمن لم يجد شيئا من ذلك طاف عاريا حذرا من لزوم التصدق بثيابه عند الطواف فيها، فيحتمل أن يكون مساق تلك النصوص هو ردع هذه البدعة والالتزام.
وفي مجمع البيان عند قوله تعالى " وما كان صلاتهم في البيت إلا مكاء وتصدية " (1) عن بعض المفسرين من الطبقة الأولى ك " ابن عباس " ما يدل على أنهم كانوا يطوفون عراة ويصفرون ويصفقون... الخ، فجرت عادة قريش بذلك.
وفي تفسير البرهان عند قوله تعالى " براءة من الله ورسوله " (2) عن الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام ما يدل على ما ذكرناه أخيرا: من ابتداعهم لزوم التصدق بثوب طيف فيه، إلى أن قال... جاءت امرأة وسيمة جميلة للطواف وقيل لها ذلك - أي لزوم التصدق بالثوب - فلم تجد عارية ولا كرى، فطافت عارية فأشرف الناس إليها وجعلت إحدى يديها على القبل وأخرى على الدبر، وقالت شعرا:
اليوم يبدو بعضه أو كله * فما بدا منه فلا أحله إلى أن فرغت من طوافها، فخطبها جماعة، فقالت: إن لي بعلا.
وأما النصوص الناهية: فقد نقل جملة منها في الوسائل (باب 53 من أبواب الطواف)