في طول خاص.
وفي الحدائق: أن ذلك الاستدلال إنما يتم لو علم أن ثياب النساء في زمن صدور النصوص في تلك الديار كانت على ما يدعونه، ولم لا يجوز أن دروعهن كانت مفضية إلى ستر أيديهن وأقدامهن، كما هو المشاهد الآن في نساء أعراب الحجاز، بل أكثر بلدان العرب، فإنهم يجعلون القميص واسعة الأكمام مع طول زائد فيها بحيث تكون طويلة الذيل تجر على الأرض، ومن القريب كون المشهود الحديث جاريا علي الدأب القديم في تلك البلدان، فجرت الأخلاف على ما جرت عليه الأسلاف، انتهى.
وفيه: أن أصالة العدم بالقهقري وإن ثبتت في القول عند الشك في النقل في الجملة لقيام السيرة عليه أحيانا، وأما في الفعل فلا، ولا أقل من الشك، ومعه لا اعتداد بما يشك في حجيته، إذ الشك في حجيته مساوق للقطع بعدمها.
والتحقيق الكافل للأمرين، هو أن المعتبر في ستر البدن ليس أزيد من الدرع الذي به ألسنة النصوص، ويمكن إثبات كونه قاصرا عن ستر الكف في زمن الصدور، وفي ثنايا ذلك يثبت كون أقصى ما كان منكشفا هو الزند لا الزائد عنه، فحينئذ يتم الأمران، إذ لا ريب في أن النصوص الآمرة بالدرع كانت ناظرة إلى ما هو الدارج في ذاك العصر، لا كل ما يصدق عليه في أي عصر كان طال أو قصر، فلو ثبت قصره عن ستر الكف إلى الزند يحكم بجواز كشفه في الصلاة. والذي يمكن الاستدلال أو الاستيناس به لذلك أمور:
أحدها: ما عن ابن عباس، والضحاك، والعطاء، من تفسير قوله تعالى " إلا ما ظهر منها " بالوجه والكفين.
والمستفاد منه، هو أن الكف كان ظاهرا بطبعه في ذاك العصر، لأنهم ممن أدركوا الصدر الأول من الإسلام، سيما " ابن عباس "، إذ المراد من الكريمة هو تجويز ما كان ظاهرا بطبعه، والتفسير المأثور من هؤلاء في التطبيق على الوجه