الدرع والمقنعة على الجرى المتعارف في ذلك العصر، لا مطلق ما يصدق عليه الدرع طال عما هو الدارج في ذلك العصر أو قصر عنه، فإن تحقق تعارف ما هو طويل الذيل وواسع الكم لحكم بلزوم ستر ما يستره الدرع بطبعه الأولي المتعارف.
وكذا في المقنعة الساترة للرأس والشعر، وسيجئ الكلام في قوله... ستيرا.
ومنها: ما رواه عن يونس بن يعقوب، أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي في ثوب واحد؟ قال: نعم قلت: فالمرأة؟ قال: لا، ولا يصلح للحرة إذا حاضت إلا الخمار، إلا أن لا تجده (1) أن ظاهرها - حسب التناسب بين الحكم والموضوع - هو أنه لما كان حد الستر في المرأة للصلاة أزيد من حده في الرجل لها حكم بجواز صلاته في ثوب واحد دون صلاتها فيه، لعدم كفايته بما يجب عليها من الستر، وأما قوله عليه السلام " ولا يصلح " فلا ظهور له في الحكم غير اللزومي، لما مر من استعماله في التحريم، وأما إرادة التنزيه منه فإنما هو لقيام الشاهد الخارجي أو المعارض ونحو ذلك، فيحمل على المنع. وأما الحصر في الخمار فإضافي لا حقيقي، حيث إن الصبية قبل أن يدركها البلوغ يجوز لها كشف الرأس في الصلاة، كما يجوز لها الكشف للناظر، وأما إذا بلغت فلا تصح صلاتها بدون الخمار، ومن المعلوم: أنه لا موضوعية له (أي للخمار بما هو خمار) فيحكم بأن المناط هو ستر الرأس، وبه يستر الشعر أيضا على النحو الدارج.
ومنها: ما رواه عن المعلي بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن المرأة تصلي في درع وملحفة ليس عليها إزار ولا مقنعة؟ قال لا بأس إذا التفت بها وإن لم تكفها عرضا جعلتها طولا (2).
لعل السؤال إنما هو لأجل ما ورد من تعدد الثياب من الإزار والدرع والخمار ونحو ذلك، فسأل عن حكم ما إذا لم يكن عليها إزار ساتر للرجل ومقنعة للرأس