نعم، لا يكفي القصد التفصيلي المذكور إذا تخلل بينه وبين متعلقه فعل آخر غير مرتبط به بحيث يجمعهما عادة قصد واحد، فإن ذلك يسمى عزما لا يغني عن القصد المذكور; فإن من تصور الصلاة وغايتها فعزم على الاتيان بعد الرجوع عن السوق أو بعد النوم، فلا يكفي هذا المقدار في تحقق القصد المزبور، بخلاف ما لو تصورها وعزم على الاتيان بها مشتملة على الأذان والإقامة فاشتغل بالأذان والإقامة وافتتح الصلاة، فإن التصور الأول المقارن للأذان كاف وإن حصل العزوب حين الافتتاح، والمعتبر في العمل ليس خصوص ذلك القصد المقارن الذي يتعسر، بل يتعذر استمرارها فعلا.
(و) لذلك (يجب) الالتجاء إلى اعتبار (استمرارها حكما إلى الفراغ) بمعنى عدم إحداث ما يخالفها من التردد أو نية الخلاف، بل أعم منه ومما يستمر إلى آخر العمل من الحالة الحاصلة عقيب ذلك القصد، المستمرة إلى آخر العمل فعلا.
اللهم إلا أن يقال؟ إن النية حقيقة هي القصد التفصيلي دون الحاصلة منه الباقية في النفس التي لا بد في صدور الفعل الاختياري من مصاحبته لها، والفعل الاختياري لا بد من أن يكون عن نية، لا أن يكون بجميع أجزائه مصاحبا لها، واتصاف أجزاء الفعل بكونها منوية باعتبار تعلق النية بها في ابتداء الفعل، لا باعتبار مصاحبتها لنية وتسمية تلك الحالة نية، مخالفة لمفهومها المصدري.
ولما انعقد إجماع المسلمين على اعتبار النية في الصلاة تعين مقارنة القصد التفصيلي لأول جزء من واجباتها، ولم يكتف بالحالة الحاصلة عقيب القصد التفصيلي المتعلق المتصل بالمجموع المركب منها ومن بعض ما يرتبط بها كالأذان والإقامة أو هما مع الوضوء مثلا.