وفي الموزون كيلا إذا كان يمكن كيله ولا يتجافى في المكيال، ولا يجوز بيع الجنس الواحد فيما يجري فيه الربا بعضه ببعض وزنا إذا كان أصله الكيل، ولا كيلا إذا كان أصله الوزن. والفرق أن المقصود من السلم معرفة مقدار المسلم فيه حتى تزول عنه الجهالة، وذلك يحصل بأيهما قدره من كيل أو وزن، وليس كذلك ما يجري فيه الربا، فإن الشارع أوجب علينا التساوي والتماثل بالكيل في المكيلات وبالوزن في الموزونات، فإذا باع المكيل بعضه ببعض وزنا فإذا رد إلى الكيل جاز أن يتفاضل لثقل أحدهما وخفة الآخر فلذلك افترقا، ويجوز بيع المكيل بالوزن، ولا يجوز بيع الموزون بالمكيل، لأنه غرر وجزاف (1).
والأقرب عندي أن المكيل لا يباع بعضه ببعض بالوزن مع احتمال التفاوت، وكذا العكس.
لنا: أنها قد تختلف بالثقل والخفة فيلزم الربا، ولو جهل الثقل والخفة كان كالجزاف.
إذا عرفت هذا فالحنطة من المكيلات، وكذا الدقيق، لأن أصله الحنطة وهي مكيلة، فلا يباع أحدهما بالآخر إلا بالكيل، ولا يباع أحدهما بالآخر إلا بالوزن، وإلا جاء الربا.
لا يقال: إذا بيعا بالكيل حصل الربا أيضا، لأن الحنطة أثقل من الدقيق فيحصل التفاوت بالوزن وهو عين الربا.
لأنا نقول: لا اعتبار بالتفاوت بالميزان في المكيل، ثم قد روى زرارة، عن الباقر - عليه السلام - في الصحيح قال: الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مثلا بمثل لا بأس به (2).