وقال أبو الصلاح - ونعم ما قال -: لو تلف البعض تخير المشتري بين فسخ البيع وبين قبض السالم وإسقاط ثمن الهالك بحساب البيع ومطالبته بقيمته يوم طالبه فامتنع من التسليم، فإن هلك جملة البيع لم يكن له إلا ما نقد من الثمن، فإن كان لتعد من البائع أو لمنع واجب فالمبتاع بالخيار بين المطالبة بما نقد وبين قيمته يوم استحق تسليمه، فإن كان تأخيره من قبل المبتاع فهلاكه ونقصه من ماله (1).
لنا: إن البيع ناقل فكانت العين مضمونة في يد البائع بالمثل إن كانت مثلية، والقيمة إن كانت من ذوات القيم إن تعذر المثل، خرج عنه لو تلف قبل منع البائع بالإجماع الدال على فسخ البيع، فيبقى الباقي على الأصل.
ولأن القدرة على التسليم شرط في البيع وقد فقدت، إذ لا يجب التسليم إلا وقت الطلب فيبطل البيع، بخلاف صورة النزاع، وكذا إذا كان تأخيره من قبل المشتري.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا قال: بعتك هذه الثمرة بأربعة آلاف درهم إلا ما يخص ألفا منها صح، ويكون المبيع ثلاثة أرباعها، لأنه يخص ألفا منها ربعها، وإن قال: إلا ما يساوي ألفا منها بسعر اليوم بطل، لأن ما يساوي ألف درهم من الثمرة لا يدري قدره فيكون مجهولا (2)، وتبعه ابن البراج (3). وفيه نظر.
أما الأول: فلأن ما يخص ألفا منها ليس هو الربح بعد الاستثناء بل أقل منه، وقبل الاستثناء لا اعتبار به، وحينئذ لا يعرف قدر ما يخص الألف إلا بعد معرفة قدر المبيع، ولا يعرف قدر المبيع إلا بعد تحقق ما