وتوهم أن الشيخ خالف رأيه في المسألة الأولى، واجترأ على الشيخ بنسبته إلى تقليد الشافعي، مع أنه كان ممن لا يقلد في الأحكام، وهذا تجاهل عظيم أما أولا: فلعدم تفطنه للجمع بين المسألتين، فإن الشيخ حكم في الأولى:
بعدم الفسخ، وفي الثانية: حكم بالخيار بين الفسخ والإبقاء، وهو حكم موافق للأول، إذ الخيار إنما يتم لو كان العقد باقيا.
وأما ثانيا: فلاستنباطه قولا لم يوافقه فيه أحد من علمائنا، ولا أظن أحدا أفتى به، ولم يوجب له الخيار.
وأما ثالثا: فلنسبة الشيخ إلى التقليد، وأي تقليد هنا إذا وافق الدليل عند الشيخ قولا لغيره.
ومن الغريب قوله: (وليس في الشرع ما يدل عليه) ليت شعري ما يعني بلفظة الشرع هنا، فإن أقوال الفقهاء متطابقة علا تسليط المشتري على الفسخ، وعموم الكتاب يدل على ذلك، لقوله تعالى: ﴿لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم﴾ (1) ومع تعذر المسلم فيه لم يحصل التراضي فيجب رد العوض، والأحاديث متظاهرة على ذلك كما تقدم.
وقد روى الحلبي في الصحيح، عن الصادق - عليه السلام - قال: لا بأس بالسلم في الحيوان إذا سميت الذي تسلم فيه فوصفته، فإن وفيته وإلا فأنت أحق بدراهمك (2). وغير ذلك من الأخبار، والعقل أيضا يدل عليه.
مسألة: المشهور أن قبض الثمن في المجلس شرط في السلم، ذهب إليه الشيخ (3)، وابن أبي عقيل وغيرهما.