ولأنه غرس في حق غيره بغير إذنه فأشبه ما لو بانت الأرض مستحقة، وقوله - عليه السلام -: (لا ضرر ولا إضرار) (1) مشترك بين الشفيع والشريك، فلا يختص به أحدهما.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الشيخ أبا علي ابن الجنيد - رحمه الله - قال: وإذا أحدث المشتري في العين المبيعة حدثا بعد المطالبة بالشفعة فهو كحدث الغاصب، وإن كان قبل المطالبة أو بعد تركها لعلة فاسدة ثم حكم له بها كان الشفيع مخيرا بين أن يعطي قيمة ما أحدثه المشتري مضافا إلى الثمن وبين أن يترك الشفعة إن كان مما لا يجوز زواله، إلا بضرر يلحق المشتري، ولم يجبر الشفيع على أخذ الزيادة وإعطاء قيمتها وقدر النقص فيها، وكذلك إن كان مما لا يجوز إزالته من غير ضرر فيه، وإن كان مما ينتظر بزوال الضرر فيه وقتا كان للشفيع إجارة المثل إلى حين أخذ المشتري حدثه من غير ضرر فيه، فإن كان الحدث مما ينقصها كان قيمة ذلك على المشتري إذا كان الحدث من جهته، وإن لم يكن من جهته كان الشفيع مخيرا بين أن يعطي ما وزن المشتري ويأخذ بالشفعة منقوصة وبين أن يترك.
مسألة: إذا كانت دار بين ثلاثة فباع أحدهم نصيبه واشتراه أحد الآخرين استحق الشفعة الذي لم يشتر على قول من يقول: إن الشفعة على عدد الرؤوس، قاله الشيخ في الخلاف، ثم قال: وقال أبو حنيفة: يستحق الشفعة الذي اشتراه مع الذي لم يشتر بينهما نصفين، واستدل بأن الإنسان لا يستحق الشفعة على نفسه والشفعة مستحقة على المشتري (2).