ذلك فلهم الرجوع لمثل ما قلناه على الصحيح من المذهب (1) وقال أبو علي ابن الجنيد. وكما أن الشفعة لا تجب إلا بعد صحة البيع وتمامه، فكذلك لا يكون ترك الشفيع إياها قبل البيع مبطلا ما وجب له منها بعد البيع، وهو المختار.
لنا: إنه إسقاط حق قبل ثبوته فلا يصح، كما لو أبرأه مما لم يجب له أو أسقطت المرأة صداقها قبل التزويج.
احتج الشيخان بأن الشفعة تثبت في موضع الاتفاق على خلاف الأصل، لكونه يأخذ ملك المشتري من غير رضاه ويجبر على المعاوضة به، لدخوله مع البائع في العقد الذي أساء فيه بإدخال الضرر على شريكه وترك الإحسان إليه في عرضه عليه، وهذا المعنى معدوم هنا فإنه قد عرضه عليه، فامتناعه من أخذه دليل على عدم الضرر في حقه ببيعه، وإن كان فيه ضرر فهو الذي أدخله على نفسه، كما لو أخر المطالبة، وفيه قوة.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط (2) والخلاف (3): لو ادعى أحد الشريكين أنه باع على زيد فأنكر المشتري الشراء ثبتت الشفعة للشريك الآخر على البائع.
وقال ابن إدريس: لا تثبت الشفعة (4). والمعتمد الأول.
لنا: قوله - عليه السلام -: (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) وقد أقر البائع باستحقاق الشفعة للشريك فيحكم عليه، ولا يقبل قوله في حق المشتري، وعدم قبول قوله في حق المشتري لا يوجب إبطال حق الشفيع، إذ الإقرار تضمين حكمين غير متلازمين.