وأدى ثمنه في كفالته عن المعسر، ولو كفل أحد من هؤلاء - يعني العبد والمكاتب وأم الولد - بإذن سيده لرجل ثم عتق من غير أن يجعل عتقه عوضا عما توجبه الكفالة ثم أعسر المكفول عنه لم يرجع على المعتوق، وكان على السيد ما يجب بحق الكفالة.
وهذا البحث يبنى على البحث عن استدانة العبد بإذن مولاه، فإن قلنا:
أنه لازم للمولى فكذا هنا، وإن قلنا: إنه لازم لذمة العبد فكذا هنا. وكان أبو علي ابن الجنيد نظر إلى ذلك، فإن الضمان نوع من الاستدانة في الحقيقة.
والتحقيق: ما ذهبنا إليه هناك، وهو إن الضمان يتعلق بذمة العبد يتبع به بعد العتق كالإذن في الاستدانة، سواء أذن له في الضمان أو لا، وسواء كان مأذونا له في التجارة أو لا.
مسألة: قال ابن الجنيد: ولو كفل مكاتب بدين عليه وليس للمكفول عنه على المكاتب قدر ذلك الدين كانت الكفالة باطلة، فإن كان للمكفول عنه على المكاتب قدر ذلك الدين صحت الكفالة وصارت كالحوالة.
والوجه صحة الكفالة في الموضعين، لكن في الأول يتبع به بعد العتق.
مسألة: المشهور أن الضامن يرجع بأقل الأمرين من المال الذي ضمنه، ومن القدر الذي دفعه.
وقال ابن الجنيد: لو ضمن زيد لعبد الله دينا على عمرو فصالح زيد عبد الله من جملة ضمانه عن عمرو على ما يجوز التبايع به بينهما، فإن كان ذلك قبل وجوب الحكم على زيد بالمال الذي ضمنه لم يكن له إلا قيمته أو قدر ما أعطاه عبد الله يرجع به على عمرو، وإن كان بعد وجوب الحكم عليه كان له الرجوع بأصل الحق على عمرو.
لنا: إنه وضع للإرفاق، والرجوع بأكثر مما دفع مناف له فلا يصح.
احتج بأن الثابت في ذمة الضامن قدر المال، ودفع الأقل بعد الحكم عليه