والجهالة ممنوعة، إذ من عادة الزراعة قد يعلم مقدار ما يخرج من الكر غالبا، ولا يشترط الإحاطة بجميع المبيع بحيث تنتفي الجهالة عن. كل أحواله، بل يبني في ذلك على المتعارف.
مسألة: قال الشيخ في النهاية: إذا اشترى إنسان من غيره شيئا من القصب أطنانا معروفة ولم يتسلمها غير أنه شاهدها فهلك القصب قبل أن يقبض كان من مال البائع دون المبتاع، لأن الذي اشترى منه في ذمته (1).
قال ابن إدريس: هذا البيع ما هو في الذمة، بل بيع عين مرئية مشاهدة فكيف يكون في الذمة؟ وأيضا لو كان في الذمة طالبه بعوضه وبدله. وقوله - رحمه الله -: (كان من مال البائع) صحيح إن لم يمكن البائع المبتاع من قبضه، فإن مكنه من قبضه ولم يقبضه وهلك كان من مال المبتاع (2).
ولست أرى بينهما نزاعا طائلا، فإن المبيع مضمون على البائع حتى يقبضه المشتري، وهو معنى قوله: (لأن الذي اشترى منه في ذمته) ولا يريد الشيخ إن القصب في الذمة.
وقد روى بريد بن معاوية العجلي في الصحيح، عن الصادق - عليه السلام - في رجل اشترى من رجل عشرة آلاف طن قصب في أنبار بعضه على بعض من أجمة واحدة، والأنبار فيه ثلاثون ألف طن فقال له البائع: قد بعتك من هذا القصب عشرة آلاف طن فقال المشتري: قد قبلت واشتريت ورضيت، فأعطاه من ثمنه ألف درهم ووكل المشتري من يقبضه، فأصبحوا وقد وقع النار في القصب فاحترق منه عشرون ألف طن وبقي عشرة آلاف طن، فقال: عشرة آلاف طن التي بقيت هي للمشتري، والعشرون التي