قال في الخلاف: وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: ينعقد البيع ويقف على إجازة صاحبه، وبه قال قوم من أصحابنا (1). وتبعه ابن إدريس (2) في ذلك.
لنا: إنه بيع صدر من أهله في محله فكان صحيحا، أما صدوره من أهله فلصدوره من بالغ عاقل مختار، ومن جمع هذه الصفات كان أهلا للإيقاعات، وأما صدوره في محله فلأنه وقع على عين يصح تملكها وينتفع بها وتقبل النقل من مالك إلى غيره، وأما الصحة فلثبوت المقتضي السالم عن معارضة كون الشئ غير مملوك للعاقد غير مانع من صحة العقد، فإن المالك لو أذن قبل البيع لصح فكذا بعده، إذ لا فارق بينهما.
وما رواه عروة بن الجعد البارقي أن النبي - صلى الله عليه وآله - أعطاه دينارا ليشتري به شاة فاشترى شاتين ثم باع إحداهما بدينار في الطريق، قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وآله - بالدينار والشاة، فأخبرته فقال: بارك الله لك في صفقة يمينك (3).
احتج الشيخ بإجماع الفرقة، ومن خالف منهم لا يعتد بقوله. ولأنه لا خلاف في أنه ممنوع عن التصرف في ملك غيره، والبيع تصرف. وأيضا روى حكيم أن النبي - صلى الله عليه وآله - نهى عن بيع ما ليس عنده، وهذا نص.
وروى عمر بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وآله - أنه قال: لا طلاق إلا فيما يملك، ولا عتق إلا فيما يملك، ولا بيع إلا فيما يملك، فنفى النبي - صلى الله عليه وآله - البيع في غير الملك ولم يفرق (4).