والوجه عندي التفصيل، وهو أن الثمن إن كان موجودا قائما بعينه كان للمشتري الرجوع به، وإن كان تالفا فالحق ما قاله علماؤنا.
لنا: إنه مع بقاء العين يكون متسلطا على أخذها، لعدم انتقالها عنه، إذ لا عقد يوجب الانتقال، فإن العقد الذي وقع كان باطلا.
المقام الثاني: هل يضمن الغاصب القيمة بقيمته يوم الإتلاف أو بأعلى القيم؟ قال علماؤنا: بالثاني، وفي النهاية: يرجع بقيمته يوم غصبه إياه (1).
والوجه الأول.
لنا: إنها زيادة غير مضمونة مع بقاء العين فكذا مع تلفها.
ولأنه في كل وقت مخاطب بأداء العين ومكلف بدفعها إلى المالك، والانتقال إلى القيمة إنما هو عند تعذر دفع العين.
المقام الثالث: لو رجع على المشتري الجاهل بالعين والمنافع رجع المشتري على البائع بالثمن إجماعا، وأما المنافع التي استوفاها هل يرجع بها أم لا؟ قال في المبسوط: الأقوى أنه لا يرجع، لأنه غرم في مقابله نفع، فلا يرجع به على أحد (2).
وقال بعض علمائنا: له الرجوع، لأنه مغرور فكان الضمان على الغار، كما لو قدم إليه طعام الغير فأكله مع الجهل فإنه إذا رجع على الآكل رجع الآكل على الأمر، لجهله وتغرير الأمر له. وسيأتي البحث في ذلك إن شاء الله تعالى في باب الغصب.
المقام الرابع: قال الشيخ في النهاية: من غصب من غيره متاعا وباعه من غيره ثم وجده صاحب المتاع المشتري كان له انتزاعه من يده، فإن لم يجده حتى هلك في المبتاع رجع على الغاصب بقيمته يوم غصبه إياه (3).