وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الرجل يسلف في الحنطة والتمر بمائة درهم فيأتي صاحبه حين يحل له الذي له فيقول: والله ما عندي إلا نصف الذي لك فخذ مني إن شئت بنصف الذي لك حنطة وبنصفه ورقا، فقال: لا بأس إذا أخذ منه الورق كما أعطاه (1).
قال الشيخ: الذي أفتي به الحديث الذي رواه علي بن جعفر، لأنه ربا، ولا ينافي الحديثان الآخران هذه الروايات، لأن الأول مرسل غير مسند، وأيضا يحتمل أن يكون قوله: (انظر ما قيمته فخذ مني ثمنه) أراد به: انظر ما قيمته على السعر الذي أخذت مني، لأنا قد بينا أنه يجوز له أن يأخذ القيمة برأس ماله من غير زيادة ولا نقصان، والخبر الثاني مثل ذلك، وليس في واحد من الخبرين أنه يعطيه القيمة بسعر الوقت، على أن الخبرين يحتملان وجها آخر، وهو أن يكون إنما جاز له أن يأخذ الدراهم بقيمته إذا كان قد أعطاه في وقت السلف غير الدراهم فلا يؤدي ذلك إلى الربا، وخاصة الخبر الأول، لأنه ليس فيه أكثر من أنه يجوز له أن يأخذ الثمن، وليس فيه أنه من جنس ما أعطاه أو من جنس آخر (2).
واستدل على ذلك بما رواه عيص بن القاسم في الصحيح، عن الصادق - عليه السلام - قال: سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتى إذا حضر الأجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دوابا ورقيقا ومتاعا يحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعام؟ قال: نعم، يسمي كذا وكذا بكذا وكذا صاعا (3).