زاد علمي يعلمه، وزاد عملي يعمله، حتى يتحد مع علمه ويتصور بصورة عمله ويحشر على نيته إذ " لكل امرء ما نوى " (1) كما " أن ليس للإنسان إلا ما سعى " (2) وكل ما يرجع إلى التعليم فهو بفيض من الله سبحانه إذ هو " علم الإنسان ما لم يعلم " (3) وكل ما يرجع إلى التعلم والعمل فهو من الإنسان السالك إليه تعالى، وإن كان الكل منه كما قال: " وما بكم من نعمة فمن الله " (4) لأن الحسنات كلها من الله كما أنها من عند الله، فلا تكون من الإنسان كما لا تكون من عنده لأن ذاته ووصفه الكمالي وفعله الخير كلها فانية في ذاته تعالى ووصفه تعالى وفعله تعالى، إذ لا إله إلا الله وحده ذاتا ووحده وصفا ووحده فعلا، فلذا قال تعالى: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم " (5).
- 4 - إن من العلوم التي تتكفل لبيان زاد التقوى هو الفقه، لأنه بالمعنى المصطلح منه حكمة عملية يتعلم بها كيفية ارتباط الإنسان مع مولاه الذي خلقه وسواه وقد ره وهداه، وكذا كيفية معاملة الإنسان مع غيره من أفراد نوعه، فلا بد للسالك أن يتفقه وإلا يتيه في أرض الجاهلية الجهلاء، ويرتطم في نار الحمية وهوى الأمنية، وقد أشار إلى مثال منه مولانا أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين في قوله: " من أتجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا " (6) ومن المعلوم أنه