إذ ليس ذلك بمنزلة الفقرات المتعددة التي مغزاها تعدد السند حكما، بل مآله في مثل المقام هو التبعيض في السند الواحد، وهو كما ترى! ولكن فيه كلام يوافيك بيانه.
ومنها: ما رواه عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين:
سوق المسلمين كمسجدهم، فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل (1).
وظاهره: أن السبق إلى السوق وكذا المسجد موجب لكون السابق هو الأحق، فليس للمسبوق دفعه وطرده، وأما التحديد بالليل: فلعله لعدم التعاهد فيما زاد عن اليوم بالقياس إلى السوق، لأنه بمجئ الليل الذي جعل للناس سكنا يترك السوق، فليس حدا حقيقيا احترازيا، بل هو جار على الغالب: من هجر السوق ونحوه من الأماكن المعدة للشاغل في اليوم دون الليل، ويوافيك تمام الكلام في التحديد، فارتقب.
ومنها: ما رواه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سوق المسلمين كمسجدهم، يعني إذا سبق إذا السوق كان له مثل المسجد (2).
لا نقاش في الارسال بعد كون المرسل هو " ابن أبي عمير " الذي يكون مراسيله في حكم المسانيد.
وأما المتن: فظاهره أيضا كون السابق إلى السوق أو المسجد أحق من غيره من دون التحديد بالليل، ولعله لعدم لزومه حيث لا يكون احترازيا. ولا خفاء في أن قوله " يعني إذا سبق " من كلام الراوي ظاهرا دون المعصوم عليه السلام، ولكن يؤخذ به، حيث إنه كان هناك قرينة على بيان المراد من التنظير فترجمه الراوي وفسره بما ذكر، وهو حجة لدى العقلاء، ولذلك يعتمدون على التراجم ما لم ينكشف الخلاف، بلا اختصاص لذلك بلسان دون آخر.