والعمدة هو التحديد، حيث إنه وإن كان في غير المقام للاحتراز عما وراء الحد، ولكن في مثل المقام معمول على التعاهد والتداول، لأن المعمول به غالبا هو عدم التربص أزيد من ذلك - كما هو المفتى به - حيث إن المحكي عن الشيخ (ره) هو أن الحكم بأحقية السابق إنما هي للنصوص الواردة، إذ من البعيد جدا عدم وصول تلك النصوص إلينا، بل الظاهر أن المراد منها ما هو بأيدينا. نعم:
يحتمل ذلك بالنسبة إلى الأصول الأولية من عدم الوصول، ولكن ما وصل إلى الشيخ (ره) ومن عاصره فقد وصل إلينا أيضا، فهو دال وشاهد على أن التحديد في هذه الرواية محمول على الغلبة لا القيدية الاحترازية، ولذلك ترى هذه النصوص بين عدم التحديد رأسا، وبين التحديد إلى الليل، وبين التحديد إلى اليوم وليله.
ويؤيده أنه لو سبق إلى المسجد في الليل يحكم بأنه له الأولوية مع تحديد بعضها ذلك إلى الليل، والسر هو أن الغالب في موارد السبق هو ما يكون في اليوم وإن يتفق خلافه - كما في ليالي القدر والاحياء والليالي الأخر المتبركة - ولا ريب في استقرار الأحقية في السبق الليلي كالنهاري، ولا يفهم عرفا من ذاك النص ما هو الاحترازي منه مع كونه بعد غيبوبة الشمس وقيام الناس - على ما في الدعائم -.
وبعد هذا التنبه يتضح أن النصوص المارة ليست معرضا عنها، بل هي معمول بها، إذ ينطبق نطاقها على ما هو المفتى به، مع تصريح " الشيخ " بأن ذلك للنصوص الواردة، مع استبعاد إرادته منها ما لم يصل إلينا، فهي عين ما وصلت إلينا لا غيرها، فحينئذ يلزم الفحص البالغ عما يحوم حول هذه النصوص: من الفروعات المفروغ عنها عند الجل لولا الكل، حتى يتضح أشد الوضوح أنها ليست بمعرض عنها، وتلك الفروع فيما يلي: