حيث إن ظاهره التفصيل بين الدين المستوعب وغيره: بجواز الانفاق على العيال من وسط المال عند عدم الاستيعاب.
ثم المراد من (الوسط) إما الاقتصاد في الانفاق والاجتناب عن طرفي الافراط والتفريط، وإما هو البين، فالمراد حينئذ جواز أخذ مقدار الانفاق من بين التركة - ولا يهمنا ذلك - فيدل على جواز التصرف عند عدم الاستيعاب بلا توقف على العمل الخارجي بالوصية أو الافراز والعزل.
ولو شكل في الاستيعاب وعدمه يحكم بالعدم، لأصالة عدم اشتغال ذمة الميت بالأكثر من المتيقن. فعند اجراء هذا الأصل ينقح موضوع هذه الرواية.
ولا مجال حينئذ لاستصحاب بقاء ملك الميت بحاله، لأنه وإن كان جاريا في نفسه، ولكنه هنا مسبب من الدين المشكوك مقداره، لأن بقاءه في ملكه سعة وضيقا مسبب من مقدار الدين كذلك، فعند الاستيعاب يكون الجميع باقيا علي ملكه، وعند عدمه يكون مقداره مثلا باقيا دون الجميع، ومع جريان الأصل السببي لا مورد للمسببي.
والحاصل: أن مقتضى هذا النص هو التفصيل بين المستوعب وغيره: باختصاص المنع بالأول دون الثاني. وفي الباب رواية أخرى مرسلة دالة على جواز التصرف حتى عند الاستيعاب أيضا، ولكنها مهجورة عملا، فلا اعتداد بها مع إرسالها.
فلا بد من العلاج بين ما مر وبين هذا النص المفصل. وقد يعالج بحمل دليل المنع على الاستيعاب، فما كان ظاهره المنع عن تصرف الوارث فهو محمول على ما إذا كان الدين مستوعبا. ولا خفاء في عدم تأتي مثل هذا المقال في الوصية البتة.
وفيه: أنه وإن كان يعالج به التعارض بدوا ولكن حمل مثل رواية " صهيب " على الاستيعاب بعيد جدا، لأن ظاهرها أن الوارث له شئ بعد التأدية، وأما إذا لم يكن له شئ أصلا لا قبلها ولا بعدها - كما في الاستيعاب - فلا.