وأما ما يكون مستلزما للتصرف فيه - وإن كان بواسطة - فالأقوى حرمته، إما لأنه تصرف فيشمله دليله، وإما لأنه انتفاع محرم، إذ لا دليل على حليته مطلقا، بل يمكن إدراج مثل هذا الانتفاع في عموم التوقيع المتقدم بيانه.
وتوضيحه: بأن المال لا يكون صالحا للحلية والحرمة، لأنهما من أوصاف الأفعال لا الأعيان - كما في محله - فلا بد من كون الاسناد بلحاظ ما يقصد من تلك الأعيان من الآثار والمنافع، كالنكاح في قوله (تعالى): " حرمت عليكم أمهاتكم... الخ " فالمراد من نفي الحلية هو ما يقصد استفادته من المال من أنحاء التصرفات المطلوبة، بل وغيرها من الانتفاعات، عدا ما يكون الدليل قاصرا عن شموله - للانصراف مثلا - حيث قامت السيرة على الخلاف، كالانتفاع من الظل والنور ونحوهما مما قد ذكر. والسر في اتساع حوزة الحرمة: هو عدم اختصاص تصرف خاص من بين التصرفات بذلك، لعدم الشاهد عليه بلا ميز، فالمنع يعمها.
وبعد اتضاح هذه المقدمة نقول: إن بطلان الصلاة في الصورتين الأخيرتين واضح على القول ببطلانها في المكان المغصوب، إذ المفروض أن الفضاء الذي يشغله ما استقر عليه المصلي من السقف مغصوب. وكذا الفضاء الذي يشغله بدنه.
وأما الصورة الأولى: فلا إشكال فيما إذا لم يكن السقف معتمدا على تلك الأرض المغصوبة، بأن اعتمد على أرض مباحة وكان تحته أرض مغصوبة عدا الفراغ الذي يشغله تلك السقف، إذ لا تصرف في المغصوب ولا انتفاع منه، بل وجود المغصوب وعدمه سيان، فلا نهي حتى يستتبع البطلان.
وأما إذا كان السقف معتمدا على تلك الأرض المغصوبة: فالظاهر هو الحرمة، إما لكونه تصرفا في المغصوب وإن كان بالواسطة، أو لكونه انتفاعا خاصا مذموما لدى العقلاء ومشمولا لاطلاق دليل نفي الحل بدون طيب النفس.
نعم: يشكل الحكم بالبطلان - ولو على مبنى القائل به في أصل المسألة -