وكيف كان: إذا علم في هذا المورد المفروض بكون المسلمين يصلون فيه يحكم بالجواز مع كون البايع مشركا، لما مر: من أن صلاتهم فيه لعله لعلمهم بمسبوقية يد ذاك المشرك بيد المسلم أو غيرها من الجهات.
والحاصل: أنه يحكم بالجواز فيما لم يخرج بالدليل، بلا احتياج إلى قيام الدليل الخاص على التذكية حتى يرتب عليه آثار الجواز.
ومما يدل على الجواز عند الشك في التذكية وعدمها - لأجل الشك في كون ذاك الشئ للمسلم أو غيره - هو ما رواه عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها وفيها سكين، فقال أمير المؤمنين: يقوم ما فيها ثم يؤكل لأنه يفسد وليس له بقاء، فإذا جاء طالبها غرموا له الثمن، قيل له: يا أمير المؤمنين عليه السلام لا يدرى سفرة مسلم أو سفرة مجوسي؟ فقال: هم في سعة حتى يعلموا (1).
تقريب الدلالة: أنه لا ظهور لها في كون الطريق من أرض المسلمين أو غيرهم ومع ذلك قد أجاز عليه السلام التقويم - أي للبيع - بلا تفاوت فيه ظاهرا بين أن يشتريه الآكل أو غيره، فيدل على جواز بيع اللحم المشكوك تذكيته، مع أن الميتة مما لا يجوز بيعها وكذا أكلها، ولعل ذهن السائل قد ارتكز فيه: أن بعض تلك الأشياء هو اللحم الذي لا يجري فيه أصالة الطهارة ولذلك قال: كثير لحمها، وأيضا قال عليه السلام:
" هم في سعة حتى يعلموا " أي ما دام لا يعلم أنه لمسلم أو غيره يجوز ترتيب آثار المذكى وأما إذا علم بأنه لمجوسي أو نحوه من غير المسلم فله حكم آخر، ولعله التوقف والمسألة، لا ترتيب آثار الميتة عليه بمجرد ذلك.