وما رواه عن الريان بن الصلت أنه سأل الرضا عليه السلام عن أشياء منها الخفاف من أصناف الجلود، فقال عليه السلام: لا بأس بهذا كله إلا، الثعالب (1).
إذ المستفاد منها التفصيل (فيما لا أمارة على التذكية) بين لباس الجلود وبين النعل والخف - مع كونهما معمولين من الجلد غالبا - بالجواز في الثاني والمنع في الأول، واحتمال خصيصة لنفس النعل والخف بعيد جدا، بل المدار - حسب التناسب بين الحكم والموضوع - هو الفرق بين ما تتم وبين ما لا تتم حال الشك، ولا ينافيه المنع من الشسع حال العلم، إذ المعلوم ممنوع مطلقا حتى الجزء اليسير منه كالشسع، وأما المشكوك فموسع.
أضف إلى ذلك: اختصاص غير واحد من النصوص المجوزة المارة بما لا تتم الصلاة فيه، بمعنى ورودها فيه وإن لم تكن مقيدة به.
فهذه هي الطوائف الثلاث التي قد أشرنا إليها سابقا، ولا ريب في استقرار التعارض بين الطائفتين الأوليين.
ولا يتوهم: ظهور الطائفة المجوزة في خصوص ما إذا كان هناك أمارة على التذكية لانصراف لفظ السوق إلى سوق المسلمين وهو أمارة على التذكية، إذ ليس في بعضها لفظ السوق أصلا حتى ينصرف إلى ما ذكر، وأما البعض الآخر فهو مطلق بلا وجه للانصراف. وعلى تسليمه: يكون المسؤول عنه - حسب ارتكاز ذهن السائل وانسباق سوق المسلمين إليه - خاصا، لا أن الحكم مقيد به، وعليه لا يصلح لأن يقيد المطلق الدال على الجواز، إذ ليس في ذهن السائل هو المنع عما لم تقم الأمارة عليه، حتى يقال: بكون الجواب تقريرا لارتكاز ذهنه، بل أقصاه انصراف ذهنه إلى قسم خاص، وحاصله نفي الاطلاق له، لا أنه مقيد لاطلاق غيره من النصوص.
فلا محيص عن العلاج بأحد وجوه: