ولكنه غير مرضي عندنا، لأن احتمال انفصاله من الحيوان الذي علم تفصيلا بعدم تذكيته ليس إلا منشأ الشك، وحيث إن الناقض هو اليقين التفصيلي لا الاجمالي - ولذا نحكم بجريان الأصول في أطرافه وسقوطها بالتعارض - فلا محذور في المقام. هذا مجمل القول فيما لو كانت التذكية شرطا.
وأما لو كان الموت بلا ذكاة مانعا: فيلزم البحث عن معنى (الميتة) أولا، وعما يلزمه من الجريان وعدمه ثانيا. فأما (الميتة) فهي إما عبارة عن (غير المذكى) كما عليه " الشيخ الأنصاري قده " فليست أمرا وجوديا، وإما عبارة عن (المائت حتف أنفه) أو نحوه من العناوين الوجودية، فلا تكون عدمية.
فعلى الأول: لا أثر له في جريان الأصل، فحينئذ لا كلام في الجري على الأول، فيترتب عليه ماله من الأحكام، لأن التذكية مسبوقة بالعدم فيمكن جر عدمها حال الشك.
وأما على الثاني: فإن أريد استصحاب عدم التذكية فهو غير ناهض لاثبات الميتة، إذ ليست الميتة عبارة عن الذي زهق روحه ولم يقع عليه التذكية، حتى يكتفي في الثاني بالأصل بعد إحراز الأول بالوجدان، بل عبارة عن نحو خاص من الوجود وهو الزهوق المقيد بكونه لاعن تذكية، ومجرد العدم المحمولي للتذكية لا ينتج عدمها النعتي، فلا يثبت كون الزهوق مرتبطا بعدمها.
نعم: يمكن إجراء الأصل في نفس المقيد بتمامه، بأن يقال: إن هذا النحو الخاص من الوجود كان مسبوق العدم فالآن كما كان، فيحنئذ يترتب عليه غير واحد من الأحكام الثبوتية - كصحة الصلاة ونحوها - وهذا بخلاف ما لو كانت التذكية شرطا، لأن الأصل هنا كان منتجا لغير واحد من الأحكام السلبية.
ولا خفاء في أن أصالة عدم التذكية في السابق موجبة لانتفاء الأحكام المشروطة بها - أي بالتذكية - حيث إن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه بلا احتياج إلى إثبات