وأما الفقرة الثانية: فمعناها أيضا أنه لو أخذ المال مما لم يرخص فيه وحصله من غير حل فصرفه فيما يكون بطبعه مطلوبا للشارع ومحبوبا له - كبناء المسجد ونحوه - فلا يقبل منه ولا يثاب عليه. وهذا على قسمين: أحدهما - ما لا يكون فيه أزيد من الثواب المترقب، والآخر - ما يكون فيه مع الثواب حكم وضعي شرعي.
أما الأول: فكانفاق المال المحرم في إطعام المؤمن الجائع أو إفطار صائم ورع، حيث إنه لا أثر لهذا الصرف عدا الثواب المتوقع، وأما تبدل الجوع بالشبع والصوم بالفطر فهو محقق حل المال أم لا، فمعنى عدم قبوله ليس إلا نفي الثواب دون غيره، إذ لا أثر وضعي شرعي له حتى يحكم بانتفائه.
وأما الثاني: فكانفاقه في بناء المسجد ونحوه من الأوقاف وغيرها، حيث إن له عدا الثواب المتوقع أثرا وضعيا، وهو الوقف الموضوع لغير واحد من الأحكام، فمعنى عدم قبوله، هو انتفاء ذلك الأثر أيضا، فلا يتحقق الوقف بذلك، فالقبول إنما هو فيما لو أخذ المال من حل وصرف فيما له ثواب وحده أو مع الأثر الوضعي أيضا، فحينئذ يترتب ذاك الثوب وحده أو مع الأثر الوضعي، على ما يستفاد من الذيل.
وأما انطباقه على المقام، فالكلام فيه تارة: من حيث صرف المغصوب في الستر الصلاتي، وأخرى: فيما عداه من ألبسته.
أما الأخير: فهو خارج عن مساق الحديث، لأن مجرد اللبس في حال الصلاة ليس بطبعه مما يترقب الثواب عليه لأنه ليس بعبادة، فمن لبسه صونا عن البرد وصلى فيه فلا ينطبق عليه قوله: " فأنفقوه فيما أمرهم به ".
وأما الأول - أي الستر الصلاتي - فهو وإن لم يكن عباديا - كما مر - فلا ترقب ثواب عليه، لأنه شرط لا جزء فليس هو إلا التوصلي البحت، ولكن له أثر وضعي شرعا تختل الصلاة بفقده وعدم قبوله، فلو شمل الحديث لمثله مما ليس فيه إلا الحكم الوضعي البحت فللاستدلال به مجال، إذ عدم القبول مساو للبطلان