وثانيتهما: أن يؤدي ما هو أقرب إلى تلك العين التالفة: من المثل أو القيمة، لا بعنوان المعاملة الخاصة، بل بعنوان التأدية فقط، فمآله أيضا إلى أن ما يؤديه من المثل أو القيمة هو بدل مما في ذمته، فيصير المبدل منه الذي كان ملكا للدائن ملكا للمدين (آنا ما) كما أن البدل الذي كان ملكا له يصير ملكا للدائن وأن يستقر هناك، فالغاصب حينئذ يملك ما في ذمته بالتأدية (آنا ما) متعقبا بالسقوط.
وأما المقام الثاني: ففي انعدام العين المغصوبة هيئة فقط لو غصب كوزا فكسره، أو زجاجة فانكسرت، أو نحو ذلك مما تبقى فيه المادة وحدها عارية عن المالية، فيحكم العرف في ذلك بانعدام الهيئة فقط دون المادة، ولكن لما لم يكن لها وجود خارجا بلا مادة يحكم باشتغال ذمته بها مع قيامها بمادة، فتتوقف وجودا واعتبارا عليها.
وتوضيحه: بأن لتلك العين المغصوبة مادة وصورة قائمة بها، فعند الكسر ينقطع القيام والربط، فينقطع القائم وهو الموجود الرابطي، لأن تلك الهيئة كانت قائمة بالمادة ومرتبطة إليها، فالكسر هو القاطع للربط، فينقطع وينعدم ما كان متقوما به غير منحاز بالاستقلال. فتشتغل الذمة بما خلت صفحة الوجود عنه، وهو الهيئة وقيامها بتلك المادة، وأما نفس تلك المادة فلا، لبقائها خارجا.
فلو فرض إمكان عود تلك الهيئة والقيام لجاز للمغصوب منه مطالبة عينه، فحينئذ يمكن للمدين تخليص ذمته عما اشتغلت به بما مر من الطريقين، نعم: لما امتنع وجود تلك الهيئة بلا مادة خارجا وليس في حوزة الاعتبارات العقلائية ما يشبهه، فلا بد من الالتزام باشتغال ذمته بها مع قيامها بمادة، فيكون ما يؤديه المدين من العين المماثلة لتلك العين بدلا عنها بتمامها، فيملك ما في ذمته من الهيئة مع قيامها بالمادة بأداء ما يماثلها هيئة، كما أنه يملك ما في الخارج من المادة المكسورة الباقية على ملك الدائن أو المغصوب منه كذلك، أي بأداء ما يماثله مادة.