والجمع بين الأخبار يقتضي حمل ما دل على النهي عن الاكتحال بالسواد على ما كان للزينة. ثم إن قلنا بأن النهي في أخبارنا يدل على التحريم تعين المصير إليه، وإلا كان المتجه قول الشيخ. ويؤيده اجماع الفرقة عليه. انتهى ففيه ما عرفت من أنه لا منافاة بين الأخبار المذكورة بالتقريب الذي ذكرناه، إذ ما دل على التحريم مطلقا قد علل بلزوم الزينة منه وإن لم تقصد، كما عرفت من صحيحتي حريز، فلا يصلح للتقييد بما ذكره. وعلى هذا فيصير قصد الزينة به مرتبة أخرى فوق هذه المرتبة وأبلغ في التحريم. وأما قوله: (ثم إن قلنا.. إلى آخره) فهو من تشكيكاته الواهية التي للوساوس مضاهية، كما أوضحناه في غير موضع من ما تقدم.
هذا كله في الرجل والمرأة مع الاختيار، أما لو دعت الضرورة إليه فالظاهر أنه لا خلاف ولا اشكال في الجواز.
ويدل عليه ما تقدم في صحيحة معاوية بن عمار الأولى: (لا يكتحل الرجل والمرأة المحرمان بالكحل الأسود إلا من علة) وصحيحة عبد الله بن سنان الدالة على أنه إذا رمد يكتحل بكحل ليس فيه زعفران. وصحيحة معاوية أو حسنته الدالة على أن المحرم لا يكتحل إلا من وجع.
ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني عن عبد الله بن يحيى الكاهلي في الحسن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (سأله رجل ضرير البصر وأنا حاضر، فقال: اكتحل إذا أحرمت؟ قال: لا، ولم تكتحل؟ قال:
إني ضرير البصر فإذا أنا اكتحلت نفعني وإذا لم اكتحل ضرني. قال: