المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ١٢٥
الاعتكاف وما هو الشرط وهو الصوم يصح منه في هذا اليوم (قال) وان نذر اعتكاف وقت ماض وهو يعلم أولا يعلم فلا شئ عليه لان ما يوجبه على نفسه معتبر بما أوجب الله تعالى ولم يتعبد الله بشئ من العبادات في الزمان الماضي وصحة الأداء باعتبار امكان الأداء وذلك لا يتحقق في الزمن الماضي (قال) وان أحرم المعتكف بحج أو عمرة لزمه الاحرام لأنه لا منافاة بين الاعتكاف والاحرام ثم يتم اعتكافه ويشرع فيه وأداء المناسك يحتمل التأخير عن الاحرام فإذا فرغ منه مضى في احرامه إلا أن يخاف فوت الحج فحينئذ يدع الاعتكاف ويحج لان ما يخاف فوته يكون أهم فيبدأ به ثم يستقبل الاعتكاف لأنه قد لزمه بالنذر متتابعا فإذا انقطع التتابع لخروجه كان عليه ان يستقبله (قال) وان أوجب على نفسه اعتكافا ثم ارتد والعياذ بالله ثم أسلم سقط عنه الاعتكاف اعتبارا لما التزمه بما أوجب الله تعالى وشئ من العبادات التي كانت واجبة عليه لحق لله تعالى خالصا لا يبقى بعد الردة لأنه بالردة خرج من أن يكون أهلا للعبادة فان الأهلية للعبادة بكونه أهلا لثوابها والمرتد ليس بأهل لثواب العبادة ولأنه بالردة التحق بكافر أصلي فان الردة تحبط عمله والكافر الأصلي إذا أسلم لم يكن عليه اعتكاف ما لم يلتزمه بنذره بعد الاسلام فهذا مثله (قال) وإذا نذر المملوك اعتكافا صح نذره لان له ذمة صحيحة في التزام الأداء إلا أن لمولاه ان يمنعه منه لان منافعه مستحقة للمولى الا ما صار مستثنى شرعا وذلك مقدار ما تتأدى به الفرائض فلا يدخل فيه ما يلتزمه من الاعتكاف باختياره فكان للمولى منعه فإذا أعتق قضاه وكذلك الزوج له ان يمنع امرأته من الاعتكاف الذي التزمته بنذرها لان منافعها مستحقة للزوج بعقد النكاح وأما المكاتب فليس لمولاه منعه لأنه صار أحق بنفسه ومنافعه والذي بينا في النذر كذلك في الشروع فإن كان بإذن المولى والزوج فليس للزوج منع زوجته من الاتمام وللمولى منع عبده وان كأن لا يستحب له ذلك لان الزوج بالاذن ملكها منافعها وهي من أهل الملك والمولى بالاذن ما ملك العبد منافعه لأنه ليس من أهل الملك ولكنه وعد فالوفاء له وخلف الوعد مذموم فلا يستحب له منعه فان فعل لم يكن عليه شئ غير أنه قد أساء وأثم وهو قياس الاحرام فان المرأة إذا أحرمت باذن زوجها لم يكن للزوج أن يحللها والعبد إذا أحرم بإذن مولاه كان للمولى أن يحلله وان كره له ذلك (قال) وإذا أكل المعتكف نهارا ناسيا لم يضره الأكل لان حرمة الأكل لأجل الصوم لا لأجل الاعتكاف حتى اختص
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست