الأحكام الشرعية والعقلية؟ فإن من لم يطلب وديعته أو دينه لا يبطل حقه بالتغافل عن الطلب. ثم اعترض بأن هذه حقوق غير متجددة، وحق الشفعة متجدد. أجاب: بأنا نفرضه متجددا، بأن من حل له أجل دين فقد تجدد له حق ما كان مستمرا، ومع هذا لو أخر المطالبة لم يبطل الحق، وكذا من مات وله قريب فاستحق في الحال ميراثه وعالم بذلك ولم يطالب بالميراث لم يبطل حقه، ونظائره كثيرة. ثم اعترض بأداء هذا القول إلى الاجحاف بالمشتري، لأن المدة إذا تطاولت لم يتمكن المشتري من التصرف في المبيع وهدمه وبنائه وتغيره، لأن للشفيع إزالة ذلك ومطالبته بالإزالة، وهو ضرر في حق المشتري.
وأجاب: بإمكان التحرز، بأن يعرض المبيع على الشفيع ويبذل تسليمه إليه، فإما أن يتسلم أو يترك شفعته فيزول الضرر عن المشتري، فإن لم يفعل المشتري ذلك كان التفريط من قبله. ثم اعترض على المساواة بين حق الشفعة وحق الرد بالعيب في سقوطها مع التراخي. [قلنا] فإن حق الرد بالعيب إنما كان في تأخيره إبطال له من حيث تخفي أمارات العيب، فلا تظهر فتقع الشبهة في وجود العيب، فلزمت المبادرة إلى الرد لهذا المعنى، وذلك غير موجود في حق الشفعة، لأنه يجب بعقد البيع، وذلك مما لا يجوز أن يتغير، ولا يخفى في وقت ويظهر في آخر (1).
والجواب عن الأول: بالفرق بين حق القصاص وحق الشفعة، فإن في تأخير الأول نفعا للمأخوذ منه الحق فكان مشروعا سائغا، بخلاف الثاني فافترقا. وعن الثاني: بالمنع من المقدمة الأولى، فإنما المقتضي لثبوت الشفعة حدوث علم العيب لا نفسه، والحدوث يبطل في زمان البقاء، وإذا بطلت العلة بطل معلولها.